وهذا الوصف يتناول أمرين: الأول: الحفظ بعلمه جميع المعلومات؛ فلا يغيب عنه شيء منها، وفي مقابل ذلك النسيان، وقد نزَّه عنه لكمال علمه وحفظه الثاني: أنه تعالى الحافظ للمخلوقات من سماء وأرض وما فيهما، لتبقى مدة بقائها، فلا تزول ولا تَدْثُر ولا تميد ولا يسقط شيء على شيء، ولا يثقله ولا يعجزه شيء من ذلك
الحسيب أنه الحفيظ على عباده كل ما عملوه، أحصاه الله ونسوه، وعلم تعالى ذلك، وميَّز الله صالح العمل من فاسده، وحسنه من قبيحه، وعلم ما يستحقون من الجزاء ومقدار ما لهم من الثواب والعقاب
والجواد معناه: كثير العطاء، الذي عم بجوده جميع الكائنات، وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين
وجماله سبحانه على أربع مراتب: جمال الذات، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، فأسماؤه كلُّها حسنى، وصفاته كلها صفات كمال، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة وعدل ورحمة، وأما جمال الذات وما هو عليه فأمرٌ لا يدركه سواه، ولا يعلمه غيره
الجبار أي: أنه القاهر لكل شيء، الذي دان له كل شيء، وخضع له كل شيء، فالعالم العلوي والسفلي بما فيهما من المخلوقات العظيمة كلها قد خضعت في حركتها وسكناتها، وما تأتي وما تذر لمليكها ومدبرها، فليس لها من الأمر شيء، ولا من الحكم شيء، بل الأمر كله لله، والحكم الشرعي والقدري والجزائي كله له، لا حاكم إلا هو، ولا رب غيره، ولا إله سواه.
والتواب: هو الذي يتوب على من يشاء من عباده بالتوفيق للتوبة
و"البصير" أي: الذي يرى جميع المبصرات، ويبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى مجاري القوت في أعضائها، ويرى جريان الدم في عروقها، ويبصر ما تحت الأرضين السبع كما يبصر ما فوق السموات السبع، ويرى تبارك وتعالى تقلبات الأجفان، وخيانات العيون.
الذي شمل الكائنات بأسرها ببره ومنِّه وعطائه، فهو مولى النعم، واسع العطاء، دائم الإحسان، لم يزل ولا يزال بالبر والعطاء موصوفاً، وبالمنِّ والإحسان معروفاً، تفضل على العباد بالنعم السابغة، والعطايا المتتابعة، والآلاء المتنوعة، ليس لجوده وبره وكرمه مقدار، فهو سبحانه ذو الكرم الواسع والنوال المتتابع، والعطاء المدرار.
البارئ الموجد لها بعد العدم والبرء هو الفري وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود وليس كل من قدر شيئاً ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاد سوى الله عزَّ وجلَّ